التهديدات

يشير موقع البصمة البيئية إلى أن فلسطين التاريخية (تشيرالى المنطقة بأكملها بما في ذلك الضفة الغربية و الجولان على أنها "إسرائيل") تعاني من عجز بيئي كبير (بصمة بيئية عالية للفرد). ومع ذلك، فإن بصمة المناطق الفلسطينية ذات الاقتصاد المكبوت والمتخلف بعد عقود من الاحتلال ضئيلة للغاية. على سبيل المثال، البصمة المائية للمناطق الفلسطينية لنصيب الفرد من2900 لتر/يوم، منها 93% داخلية. وفي الوقت نفسه، تبلغ الكمية بالنسبة لإسرائيل 6300 لتر/يوم، منها 82% خارجية (البصمة المائية). إن الوضع البيئي الإجمالي في دولة فلسطين سيء (كما هو موضح أدناه). تم تصنيف التهديدات الرئيسية وفقًا للاتحاد الدولي لصون الطبيعة على مستوى العالم وتندرج تحت ست فئات رئيسية اذ تتمثل الإجراءات الأساسية في تحديد أولويات التهديدات ثم التعامل معها بطريقة تعطي أقصى تأثير على التهديدات الأكثر إلحاحًا. في حين حاول بعض المؤلفين التركيز على تهديدات معينة، يعتقد آخرون أنه من الأهمية بمكان أن تقوم جهود البحث والحفظ في المناطق المحلية بدمج الاستجابات للتهديدات المختلفة (Bonebrake et al., 2018). يقترح التقييم العالمي IPBES في الواقع الحاجة إلى إعادة هيكلة واسعة النطاق للاقتصادات إذا أردنا تحقيق استدامة نظمنا البيئية (IPBES, 2019).

تغير المناخ

السبب الرئيسي لتغير المناخ هو استخدام الهيدروكربونات لإنتاج الطاقة وانتاج غازات الدفيئة. المجالات الستة العاجلة المحددة للعمل في تحذير علماء العالم من حالة طوارئ مناخية وتحديثاتها هي: الطاقة، وملوثات الغلاف الجوي، والطبيعة، والغذاء، والسكان، والاقتصاد (Ripple et al, 2021). تناولت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) تهديدات تغير المناخ على حياة الإنسان والحيوان التي نوقشت في قمة الأرض عام 1992 في ريو دي جانيرو، ودخلت حيز التنفيذ في 21 مارس 1994 (Schipper, 2006). يعد التغير المناخي التحدي الأكبر الذي يواجه البشرية خلال العقد المقبل بحسب (اليونسكو). كان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP26) الأخير في غلاسكو مخيبا للآمال للناشطين لأن الحكومات فشلت في أخذ التحدي الجذري على محمل الجد (Tobin & Barritt, 2021).

سيكون تأثير تغير المناخ على دولة فلسطين كبيرًا ويجب بذل الجهود للتخفيف والتكيف (SP, 2020b). في عام 2010، أنتج مشروع الشراكة، بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "استراتيجية التكيف مع تغير المناخ وبرنامج العمل للسلطة الفلسطينية" (Mimi et al, .2010). وحددت الاستراتيجية ثلاث مناطق (دراسات حالة) تعاني من مستويات عالية بشكل خاص من الضعف المناخي: مسافر يطا (الضفة الغربية)، والمناطق الشرقية من وادي نهر الأردن (الضفة الغربية)، وقطاع غزة (UNDP, 2010). واقترحت الاستراتيجية برنامجًا يتكون من تسعة تدابير للتكيف تتضمن عدم الندم وسبعة تدابير للتكيف مع عدم الندم مع تحديد الأولويات. وفي عام 1999 في الاستراتيجية الوطنية للتنوع الحيوي في فلسطين تم اقتراح مشروع للتغير المناخي وهو مشروع للتخفيف من آثار تغير المناخ: المشروع 7 لمكافحة التصحر والتعامل مع الآثار الضارة لتغير المناخ (NBSAP, 1999)، كما تتناول استراتيجية قطاع البيئة (EQA, 2010) "اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تغير المناخ ومكافحة التصحر ومواجهة الكوارث البيئية والطبيعية".

في 17 مارس 2016، أصبحت دولة فلسطين رسميًا الطرف رقم 197 في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، وقدمت بعد ذلك تقرير البلاغات الوطنية الأولي (INCR) والمساهمات المحددة وطنيًا (NDC) إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC). كما وقعت على اتفاق باريس في 22 أبريل 2016. وفي العام نفسه، وضعت سلطة جودة البيئة خطة وطنية للتكيف مع تغير المناخ (NAP). وتضمنت الأهداف الداخلية لسلطة جودة البيئة، المنشورة في التقرير الوطني السادس المقدم إلى اتفاقية التنوع البيولوجي، الهدف التالي: الهدف 8: "بحلول عام 2022، ترتفع كفاءة النظم البيئية البيئية في تقديم الخدمات البيئية بشكل رئيسي للتكيف مع تغير المناخ ومكافحة التصحر". وزادت نسبة امتصاص الكربون بنسبة 50% من خلال الحفاظ على النظم البيئية المتدهورة وحفظها وإعادة تأهيلها (EQA, 2021). لم يتم إنجاز ذلك، وتتناول الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية الجديدة للتنوع البيولوجي عملياً كيف يمكن تحقيق ذلك.

عبد الله وآخرون. (2021) اقترح المزيد من التعاون بين أوروبا وجيرانها الجنوبيين للتعامل مع قضايا تغير المناخ. في منطقة البحر الأبيض المتوسط، من الأهمية بمكان التركيز على ثلاث قضايا رئيسية تتأثر بتغير المناخ: الغذاء والمياه والطاقة (Mohtar 2017؛ بالنسبة للزراعة، انظر الرابط). ومع ذلك، فإن جميع هذه القضايا مترابطة حيث تتأثر الزراعة بشكل رئيسي بالري. وفي الواقع، يتم تقييم آثار تغير المناخ من خلال كمية المياه المحتفظ بها من المحاصيل والمياه الجوفية (Mizyed, 2009).

تتمثل العقبة الرئيسية أمام تصميم التدابير المناسبة للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره في نقص البيانات على أرض الواقع والآثار والمتغيرات المقاسة (Sternberg et al., 2015). أحد المخاطر المرتبطة بتغير المناخ هو زيادة الآفات النباتية، بما في ذلك Cephalica taurinensis، Thaumetropoea wilkinsoni، Tomicus destruens (Gregory et al., 2009). في الواقع، يتم فقدان 42% من إنتاجية المحاصيل العالمية بسبب انتشار الآفات الفطرية والبكتيرية بسبب تغير المناخ (Chakraborty, 2005).

إن تعميم قضية تغير المناخ الخطيرة أمر ضروري، بما في ذلك الوصول إلى الجيل القادم بأساليب مصممة خصيصًا ومدروسة جيدًا. على سبيل المثال، استندت سلسلة من مقاطع الفيديو المتحركة القصيرة حول قضايا مختلفة إلى منشورات وبرامج تعليمية سابقة بالتعاون بين معهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة وبين وشبكة Zoe Environment Network في جنيف.

اقترح التقرير الوطني السادس لاتفاقية التنوع البيولوجي التدابير التي يمكن تنفيذها للوفاء بـ ABT 15 والتوصية بما يلي بالنسبة للاستراتيجية وخطط العمل الوطنية الجديدة للتنوع البيولوجي:

1. حماية واستعادة النباتات المحلية في المناطق المعرضة للخطر وتحديد مواقع النباتات المحلية.

2. إعطاء الأولوية للنظم البيئية شديدة التدهور التي توفر خدمات النظام البيئي الأساسية والتي تعتبر حاسمة للتواصل البيئي.

3. تمكين الاستخدام المستدام للأراضي من قبل المجتمعات الأصلية والمحلية.

4. تفعيل أدوات السوق التي لا تشجع على استغلال النظم البيئية.

5. النظر في مصادر الدخل إلى جانب أنشطة اعادة التاهيل لجعل عملية اعادة التاهيل مجدية اقتصاديًا.

6. تطوير مناهج إدارة المناظر الطبيعية مع أصحاب المصلحة الذين يشجعون الاستعادة على نطاق واسع مع مراعاة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية.

7. تحديد الفرص المتاحة لاعادة التاهيل ورسم خرائط جغرافية مكانية لها.

8. تحديد فرص الاستثمار والتأمين لاعادة التاهيل.

9. التأكيد على جهود اعادة التاهيل في الغابات التي أصبحت بمثابة بالوعات للكربون.

 

تدمير الموائل والاستغلال المفرط

على الصعيد العالمي، يعتبر تدمير الموائل والإفراط في استغلالها اثنين من المحركات الخمسة الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي (Alroy, 2017; Skogen et al., 2018’; Chase et al., 2020). محليًا، لخص التقرير الوطني السادس تدمير الموائل والتهديدات الأخرى التي تؤثر على التنوع البيولوجي المحلي وكانت هناك دراسات إضافية بعد التقرير الوطني السادس تناولت هذه القضية أيضًا (انظر على سبيل المثال Qumsiyeh and Abusarhan, 2022). إن تصنيف التهديدات في البيئة الفلسطينية وفقًا للتقريرين الوطنيين الخامس والسادس لاتفاقية التنوع البيولوجي ممكن ويبدو معقولًا على الرغم من إمكانية تعديله عندما تتوفر بيانات إضافية (EQA, 2015; Table 1). واستخدم تقرير آخر نهج دلفي لسؤال بعض "الخبراء" عن التهديدات الرئيسية، والوصول إلى إجابة مختلفة (Abdallah and Swaileh, 2011; AlHirsh et al., 2016). الهرش وآخرون (2016) استخدمت مقابلات مع أفراد مختارين منخرطين في القضايا البيئية في دولة فلسطين لمعرفة ما هي التهديدات الأكثر بروزًا بالنسبة لغالبية هؤلاء الأفراد وكانت كالتالي:

  • الحرائق: أثرت الحرائق بشكل خاص على الزراعة الأحادية لأشجار الصنوبر في منطقتنا أكثر من أي مكان آخر (استبدلت إسرائيل الزراعة المتعددة بالزراعة الأحادية حول القرى الفلسطينية المدمرة). وفي الضفة الغربية، لوحظ أن الحرائق في المناطق الحرجية المحمية تساهم في تراجع الغطاء الشجري.
  • استخدام المبيدات الحشرية والمبيدات العشبية والملقحات: تطورت الزراعة الفلسطينية خلال العصر النطوفي وكانت متناغمة نسبياً مع الطبيعة لأكثر من 10,000 سنة. ومع ذلك، فإن الممارسات الزراعية الحديثة، وخاصة طرق مكافحة الآفات بالوسائل الكيميائية، أدت إلى مخاطر بيئية كبيرة، حيث جاء إدخال المبيدات الحشرية في ظل حكم الانتداب البريطاني، 1920-1948، وتم توسيعه بعد نكبة عام 1948. وتستخدم المبيدات الحشرية الآن على نطاق واسع في الزراعة الفلسطينية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض الأراضي المتاحة للزراعة الفلسطينية، وفي ظل الاعتقاد الخاطئ بأن استخدام المبيدات أمر لا غنى عنه لزيادة الإنتاجية (Al-Sa ed et al., 2011) بالرغم من تاثيره على صحة الناس (Abu Naser et al., 2007; Al-Absi, 2008). تؤثر المبيدات الحشرية سلبًا على الإنتاج الزراعي على المدى الطويل (Glover-Amengor and Tetteh, 2008; Kalia and Gosal, 2011) وعلى التنوع البيولوجي (Geiger et al., 2010; Brühl et al., 2019). إن الممارسات الزراعية التي لا تضمن التنوع البيولوجي الزراعي أو تناوب المحاصيل (أي الزراعة الأحادية و"الصناعة الزراعية") مدمرة للاستدامة وحماية البيئة (Garnett et al., 2013; Tscharntke et al., 2012; Wezel, 2014). أصبحت مواقع التنوع البيولوجي الزراعي مثل http://www.bioversityinternational.org/ مهمة الآن للدراسة والوعي بها، وتعد وزارة الزراعة عنصرًا أساسيًا في ذلك.

أصبح الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي جزءًا من الأجندة الوطنية عندما اعتمدت وزارة الزراعة سياسة وطنية "لتعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي". بدأت الملقحات من مختلف مجموعات الحشرات والحيوانات الأخرى، بما في ذلك الطيور والثدييات والزواحف، في الانخفاض، مما أدى إلى أساليب زراعية سيئة بما في ذلك الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية لمكافحة الآفات ومنع الحيوانات من التفاعل مع النباتات النامية. وفي هذه الحالة، تنكسر دورة حياة العديد من اللافقاريات والفقاريات، مما يؤدي إلى انخفاض أعداد الأنواع وتصبح مصنفة على أنها "شبه مهددة" أو "مهددة بالانقراض".

  • الزحف الحضري: في البلدان النامية، يجب تطوير السياسات الحضرية المستدامة بطرق تضمن تأثيرات إيجابية طويلة المدى للتعامل مع الزحف الحضري. وهذا يخلق تأثيرًا اقتصاديًا ويسمح بالحفاظ على مستويات معيشة مناسبة. وفي المنطقة، نما عدد سكان الحضر بسرعة ليشكل الآن ثلثي السكان (World Bank, 2021). إن الزحف العمراني مدفوع بعوامل مثل تفضيلات العيش في مناطق منخفضة الكثافة، والتقدم في تصنيع السيارات، ولوائح استخدام الأراضي، وانخفاض الضرائب على وقود السيارات وغيرها من السياسات التي تشجع استخدام السيارات، والتي لها جميعها عواقب بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة ويجب معالجتها على النحو الأمثل في ظل التنمية المستدامة المرتبطة بجميع هذه القضايا الأخرى. ويتمثل التحدي الرئيسي في تحقيق التوازن بين القوى التي يحركها السوق لتحقيق السهولة والراحة للأفراد على المدى القصير مع الفوائد طويلة المدى المتمثلة في بيئة نظيفة وتنوع بيولوجي غني (OECD, 2018). تكشف التوقعات السكانية (SP, 2016) أن عدد سكان دولة فلسطين سيرتفع من 4.7 مليون في عام 2015 إلى 6.9 مليون في عام 2030، وسوف يتضاعف ليصل إلى 9.5 مليون في عام 2050، لذلك يتطلب التخطيط الحضري بطريقة تحافظ على التنوع البيولوجي بيانات يمكن الاعتماد عليها قياس المؤشرات والأثر (Artmann et al., 2019). في المناطق الفلسطينية، هناك القليل من التخطيط الحضري (Shaheen, 2021). وفي عام 2014، اعتمدت فلسطين المخطط الوطني المكاني وبدات بتنفيذها، حيث تأخذ الخطة في الاعتبار المناطق المحمية ضمن مناطق التنوع البيولوجي لغرض تنظيم التنمية. وهذا الأمر فعال جزئيا فقط بسبب عدم وجود سيادة فلسطينية على كامل أراضي الدولة الفلسطينية. على سبيل المثال، تمارس إسرائيل سيطرتها على المنطقة البحرية في غزة (بالإضافة إلى الحصار على غزة)، وتضم المنطقة (ج) معظم الضفة الغربية وتخضع للسيطرة المدنية والعسكرية الإسرائيلية وهذا يحد من قدرة الدولة على تنفيذ المخطط المكاني. اما فيما يتعلق بفقدان الموائل، هناك نقص كبير في البيانات ولم تتم إدارته بشكل جيد في الماضي. بعد كتابة الاستراتيجية عبر القطاعية (EQA 2017)، خصصت الحكومة الفلسطينية الموارد والخبراء للحفاظ على البيئة، حيث تعاونت سلطة جودة البيئة مع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة وآخرين في تحليل مستويات الحماية في مناطق التنوع البيولوجي المختلفة، بما في ذلك تحليل الفجوات. هذا المشروع خصص للفترة 2021-2022 ليؤدي إلى حماية أفضل. ومع ذلك، فإن الكثير يعتمد على التطورات السياسية في السنوات القليلة المقبلة. علاوة على ذلك، ينبغي الآن دمج الإدارة والتدابير الأفضل التي يتعين اتخاذها لوقف فقدان الموائل والأنواع في الإستراتيجية وخطط العمل الوطنية الجديدة للتنوع البيولوجي، وفي الخطة المكانية الجديدة للمضي قدمًا حتى عام 2050.

تشهد فلسطين التاريخية نموًا كبيرًا في عدد السكان، حيث قفز إجمالي عدد السكان من أقل من مليون في عام 1916 إلى أكثر من 13 مليونًا في عام 2016. ويُعزى بعض هذا إلى الزيادة السكانية الطبيعية ولكن ما يقرب من نصفها من الهجرة اليهودية، وهذا يخلق ضغوطاً على البيئة، كما يتضح من تراجع التنوع البيولوجي (Qumsiyeh et al., 2014b). على سبيل المثال انخفاض أعداد الضفادع (Salman et al., 2014)، وتغيير في النظام الغذائي للطيور الجارحة مثل البومة النسارية (Amr et al., 2016). وحقيقة أنه يوجد الآن بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط أكثر من 12 مليون شخص مع أكثر من 3 ملايين سيارة قد خلقت أيضًا مشكلة كبيرة تتعلق بتلوث الهواء وزيادة التلوث بالرصاص التي أصبحت واضحة بالفعل (Tal, 2002; Safi et al., 2006).

هناك زيادة في الكثافة السكانية مقترنة بالقيود التي تفرضها إسرائيل على المجتمعات البدوية، مما يدفع البدو إلى الإفراط في استخدام المناطق المتقلصة التي يُسمح لهم باستخدامها. عرب الجهالين على سبيل المثال، انتقلو من النقب إلى وادي الأردن عام 1948 ثم إلى تلال القدس الشرقية عام 1967، وسرعان ما سيتم نقلهم إلى منطقة العيزرية حيث يؤدي ذلك إلى الرعي الجائر في المناطق المفتوحة القليلة المتبقية (ARIJ 2015). في غزة، هناك قيود على خروج الصيادين إلى البحر خارج منطقة صغيرة جدًا تبلغ 3 أميال بحرية. تؤدي القيود إلى الصيد الجائر، بالإضافة إلى التأثير البيئي لاستكشاف واستخراج الغاز، هناك تهديد كبير للتنوع البيولوجي في البحر الأبيض المتوسط. وذكر تقرير للأمم المتحدة عن غزة في عام 2012 أن المنطقة قد لا تكون صالحة للسكن بحلول عام 2020 (UN, 2012)، وهذا هو الحال بالفعل الآن. إن الإفراط في استغلال الأراضي وتدمير الموائل الطبيعية في غزة لم يترك سوى القليل من المناطق الطبيعية أو الغطاء الأخضر خارج المناطق المزروعة المحدودة للغاية.

هناك أيضًا نشاط كبير لصيد وتجارة الحياة البرية (Yom-Tov, 2003; Handal et al. 2021; Abd Rabou et al., 2007, 2015; AlHirsh, 2016). وهذا ضار بشكل خاص في المناطق المحمية في أجزاء كثيرة من دولة فلسطين (مثل Wadi Al-Quff, see Qumsiyeh et al., 2016). ولكن أيضًا، يجب أن يأخذ تطوير البنية التحتية في الاعتبار قطع الغابات وتأثير ذلك على استمرارية الحياة البرية، سواء كان ذلك لبناء الطرق (Achiron-Frumkin 2013) أو لبناء جدار الضم والتوسع في عمق الضفة الغربية والذي ألحق أضرارًا بيئية فضلاً عن كونها مخالفة للقانون الدولي (International Court of Justice ruling 2004).

الأنواع الغريبة الغازية

يتم تعريف الأنواع الغريبة الغازية (غير الأصلية) على أنها أنواع غير محلية من النباتات والحيوانات التي يمكن أن يشكل إدخالها تهديدًا للتنوع البيولوجي المحلي (Bax, 2001). تعد الأنواع الغريبة الغازية ثاني أكثر التأثيرات البشرية تدميراً على التنوع البيولوجي بعد التدمير المباشر للموائل من قبل البشر (Simberloff, 2005). ولا يؤثر هذا على البيئات المحلية فحسب، بل يهدد الزراعة أيضًا (Mack et al. 2000; Pimentel et al. 2001). تم الإبلاغ عن ما يقرب من نصف مليون نوع على أنها غريبة غازية في جميع أنحاء العالم (Pimental et al., 2001، انظر أيضًا قاعدة البيانات العالمية للأنواع الغازية). ويستخدم مصطلح "الغازية" للإشارة إلى أكثر هذه الأنواع عدوانية لأنها تنمو وتتكاثر بسرعة، مما يسبب اضطرابات كبيرة للطبيعة في المناطق التي تتواجد فيها. التفاعلات الإيجابية بين الأنواع غير المحلية لديها القدرة على تعطيل النظم البيئية عن طريق تضخيم الغزوات ويمكن أن تحدث عبر آليات غير مباشرة (Adams et al., 2003). زاد خطر الغزو بسبب سهولة النقل وتدمير الموائل البشرية التي تفتح العديد من الفرص للأنواع الغريبة الغازية لتستقر في جميع أنحاء العالم. في الواقع، تعتبر هذه الأنواع الغازية الآن ثاني أهم تهديد للتنوع البيولوجي بعد التدمير المباشر للموائل على يد البشر (Kettunen et al., 2009; UNEP-WCMC 2012).

لا يزال هناك بعض الجدل حول مسألة ما إذا كانت زيادة التنوع البيولوجي المحلي تحمي من الأنواع الغريبة الغازية أم لا، وأفضل السبل للتعامل مع هذه الظاهرة (Levine, 2000)، بما في ذلك كيف يمكن أن يكون تغير المناخ عاملاً رئيسياً في زيادة الغزو في جميع أنحاء العالم. (Ziska and Dukes, 2014). يمكن أن يكون تغير المناخ عاملاً رئيسياً لزيادة الغزو في جميع أنحاء العالم (Hellman et al., 2008). علاوة على ذلك، فإن تأثير الأنواع الغريبة الغازية لا يقتصر على النطاق الكلي؛ كما أنها تؤثر أيضًا على تنوع الأمراض ونجاحها من خلال تعطيل المجتمعات المستقرة سابقًا ويمكن أن تدفع الأنواع المحلية إلى الانقراض من خلال التهجين الجيني. تنوعت الأنواع الغريبة الغازية في فلسطين التاريخية بين المجموعات، وهي مستمرة في التزايد وتشمل حاليًا اثنين من الثدييات، و18 طائرًا، واثنين من الزواحف، و27 سمكة، و50 نباتًا وعائيًا، و19 حلزونًا للمياه العذبة، و33 حلزونًا بريًا، وأكثر من 200 حشرة (Roll et al., 2007a, 2007b, 2008, 2009; Dufour-Dror, 2012).

يوجد داخل دولة فلسطين 50 نوعًا من النباتات الغازية، منها الأكثر عدوانية هي Acacia saligna وAilanthus altissima وConyza bonariensis وOxalis pes-caprae وAmbrosia confertiflora وRicinusommunis وNicotiana glauca وProsopis juliflora وSolanum elaeagnifolium. تم تسجيل تسعة أنواع من الطيور الغازية في فلسطين وتم اكتشاف أربعة منها في الضفة الغربية: Indian Silverbill Lonchura malabarica, Common Myna Acridotheres tristis, Monk Parakeet Myiopsitta monachus and Rose-ringed Parakeet Pisttacula krameri حيث تم إحضار معظم الأنواع عمدًا إلى الأسر ثم تم إطلاق سراحها أو الهروب منها. على سبيل المثال، تم إدخال طائر المينا الشائع عام 1997 وبدء انتشاره بعد هروب مجموعة من الطيور من منطقة بارك هيركون في تل أبيب (Handal and Qumsiyeh 2021).

من بين الثدييات، يُلاحظ الفأر المنزلي، والجرذ الأسود، والكويبو. لقد تم إدخال الأسماك عن غير قصد وعن قصد لأسباب مختلفة إلى العديد من المناطق (Roll et al., 2007b). وفي فلسطين التاريخية، يوجد 27 نوعاً مُدخلاً في حوض نهر الأردن والجليل و السهل الساحلي. من بين هذه الأنواع الـ 27، هناك 10 أنواع غريبة غازية: Oncorhynchus mykiss، Salmo trutta، Hypophthalmichthys molitrix، Gambusia affinis، Poecilia velifera، Xiphophorus hellerii، Liza ramada، Mugil cephalus، Oreochromis aureus وTilapia zillii، والتي استقرت في حوض نهر الأردن في برك الأسماك وبعضها قد انتشر في النهر نفسه (Roll et al., 2007b). وفقًا لما ذكره لوي وآخرون (2000)، يعتبر اثنان من هذه الأنواع العشرة من الأنواع الغازية بقوة: Brown trout, Salmo trutta and the Rainbow trout, Oncorhynchus mykiss.

يوجد حوالي 33 نوعًا مُدخلًا من حلزونات المياه العذبة والأرضية داخل دولة فلسطين، منها 19 نوعًا تعتبر غريبة غازية. تم إدخال غالبية الحلزونات عن طريق استيراد الاشتال وأسماك الأحواض المائية (Roll et al., 2009). وقد لوحظت بعض الحلزونات البرية الغازية مثل Cornu aspersum وEobania vermiculata وRumina decollate في الضفة الغربية. علاوة على ذلك، فإن نوعين من الحلزونات التي تعيش في المياه العذبة من بين أكثر الحلزونات عدوانية: Pseudoplotia Scabra وPlanorbella duryi،( Handal et al قيد النشر). علاوة على ذلك، تم اكتشاف بكتيريا Prietocella barbara في شحنة من الملفوف الأحمر إلى قطاع غزة (Vaisman & Mienis, 2016a, 2016b). هناك نوع آخر من الأنواع الغريبة الغازية الموجودة في قطاع غزة وهو Novisuccinea ovalis، الذي تم تسجيله أثناء الاحتلال الإسرائيلي (1967-2005) (Vaisman & Mienis, 2016a, 2016b).

ومن بين الأنواع الغريبة الغازية في الضفة الغربية وقطاع غزة انتشار سوسة النخيل الحمراء، Rhynchophorus ferrugineus، التي أدت إلى خسارة مدمرة في المحاصيل (Kehat, 1999; Abd Rabou & Radwan, 2017). وكشفت دراسات أخرى عن وجود 26 حشرة غريبة غازية مرتبطة بأشجار الكينا تم إدخالها من دول مختلفة (Mendel & Protasov, 2019). واحدة من أكثر الأنواع الغازية، والتي لها تأثير كبير على الصحة العامة، هي بعوضة النمر الآسيوي، Aedes albopictus  (Adawi, 2012). وسجلت دراسة أخرى وجود حشرة بذور الصنوبر الغربية Leptoglossus occidentalis (Handal & Qumsiyeh, 2019). وقد ثبت أيضًا وجود Paratrechina longicornis وRynchophorus Ferrugineus وDeroplax silphoides في فلسطين (Handal, 2017; Handal and Qumsiyeh, 2019).

تتوسع الأنواع الغريبة الغازية في فلسطين من حيث عدد الأنواع وحجم انتشارها، والقيود الوحيدة المفروضة على استيراد الأنواع الغريبة الغازية إلى البلاد هي تلك التي تفرضها وزارة الزراعة، ولكن تظل إسرائيل هي السلطة المسؤولة عن الحدود (EQA, 2015). هناك دراسات جارية حول النباتات والحيوانات الغريبة الغازية في دولة فلسطين، ومع ذلك لم يتم تطوير وتنفيذ سوى عدد قليل جدًا من تدابير الرقابة. خرجت الدراسة التي قدمت عام 2022 ببعض التوصيات حول الانواع الغريبة الغازية كالتالي:

1. المزيد من أنشطة بناء القدرات والأنشطة التعليمية، الرسمية وغير الرسمية، للبحث في الأنواع الغريبة الغازية.

2. تنفيذ آليات المراقبة والإنذار المبكر، بما في ذلك النشر والاستجابة

3. تطوير وتنفيذ حملات توعية حول الأنواع الغريبة الغازية، ويشمل ذلك الأنشطة المنهجية واللاصفية واللوحات الإعلانية وورش العمل واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام الرئيسية كما يجب أن تتكامل الحملات أيضًا مع البرامج الحالية مثل إدارة المناطق المحمية.

4. تعزيز التشريعات المتعلقة بالأنواع الغريبة الغازية والعمل مع السلطات ذات الصلة (وزارات الزراعة، سلطة جودة البيئة، المجالس المحلية، إلخ) لوقف انتشار الأنواع الغريبة الغازية والقضاء عليها.

5. العمل المشترك بين القطاعات لوقف الأنواع الغريبة الغازية (الحكومات المحلية والوطنية، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والقطاع الخاص)

6. التعاون الإقليمي أمر حتمي.

التلوث

وفقاً لأحدث التقديرات المتوفرة (SP 2020a)، تنتج فلسطين سنوياً 7103 طناً من النفايات الخطرة (6.4% من إجمالي النفايات) منها 1420 طناً من النفايات الطبية الخطرة. في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بلغ متوسط إنتاج النفايات العامة للشخص الواحد 0.94 كجم/فرد/يوم، مع زيادة قدرها حوالي 1% للفرد سنويًا، لكن النفايات في المناطق الحضرية تبلغ ضعف مثيلتها في المناطق الريفية تقريبًا (Al- Khatib et al., 2007). إذنا، في محافظة الخليل، هي موقع رئيسي لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، والتي يتم نقل غالبيتها بشكل غير قانوني من إسرائيل، ولها آثار صحية كبيرة (Khlaif and Qumsiyeh, 2017) كما تؤثر النفايات الناتجة عن مستوطنة برقان الصناعية على الموارد الطبيعية للوادي المجاور وكذلك على صحة الإنسان (Hammad and Qumsiyeh, 2013).

هناك آلاف الأطنان من النفايات نتيجة الحروب المتتالية على قطاع غزة وتدمير المباني بشكل عام، وهي ملوثة باليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض الذي يصل إلى البحر الأبيض المتوسط عن طريق مياه الأمطار. يتم إلقاء المياه العادمة في بعض المناطق الهامة والتي يفترض أنها محمية مثل وادي قانا ووادي النار ووادي الفارعة (الباذان) وحول سلفيت (EQA, 2015) وفي البحر الأبيض المتوسط حيث تلحق أضرارًا بالغة بالبيئة (Akram and Cheslow, 2016).

تتناول الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة (NSSWM 2017-2022) المعالجة المناسبة لجميع النفايات الخطرة (بما في ذلك النفايات الصناعية والطبية والزراعية وغيرها). توجد في إطار وزارة الحكم المحلي مديرية عامة لمجالس الخدمات المشتركة حيث تعمل هذه المجالس المشتركة على إدارة النفايات الصلبة ويتم وصف إجراءاتها بالتفصيل في استراتيجية إدارة النفايات الصلبة (MoLG, 2016). نظرًا للمشاكل في مجال إدارة النفايات الصلبة داخل دولة فلسطين، أجرى سعادة وآخرون (2019) دراسة على 12 مجلس خدمات مشتركة كشفت أن اثنتين منها فقط حصلت على عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص  لإدارة وتشغيل عملية ومحطة النقل ومكب النفايات الصلبة. كما تقوم هاتان الجهتان حاليًا باتخاذ الترتيبات وتنفيذ دراسات للشراكات المستقبلية بين القطاعين العام والخاص بشأن مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة وإدارة النفايات الحيوية وإعادة التدوير. وتشير بيانات وزارة الحكم المحلي إلى أن نسبة النفايات الصلبة التي يتم التخلص منها بطريقة صحية من إجمالي النفايات المنتجة في عام 2019 بلغت حوالي 98%. ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 100% في عام 2023. وبحسب بيانات سلطة جودة البيئة ووزارة الحكم المحلي فإن نسبة النفايات الخطرة التي تتم معالجتها من إجمالي النفايات المنتجة بلغت 2% فقط في عام 2019، ومن المتوقع أن ترتفع الوصول إلى 10% بحلول عام 2023. تعد إدارة مياه الصرف الصحي في المنطقة الخاصة أمرًا بالغ الأهمية. وفي غزة، تتدفق كمية كبيرة من مياه الصرف الصحي دون معالجة إلى البحر الأبيض المتوسط (Ashour et al. 2009). وبالتالي، فإن مرافق معالجة مياه الصرف الصحي كما هو الحال في رفح التي تيسرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعد خطوة عظيمة (ARIJ 2016). علاوة على ذلك، يمكن استخدام بعض النباتات المائية لتحسين تنقية المياه على سبيل المثال الأزولا بحيث يتم استخدامها لمعالجة مياه الصرف الصحي وإزالة العناصر الغذائية (Costa et al. 1999). وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (2003)، فإن 70% من النفايات الصلبة في دولة فلسطين هي نفايات عضوية يمكن تقليلها عن طريق انتاج الأسمدة (Al-Khatib et al. 2010).

بما أن دولة فلسطين هي دولة نامية، فإنها تواجه العديد من العقبات في إدارة النفايات الصلبة والسائلة (Talahmeh 2005). كما يعد الوضع السياسي أحد العوامل الرئيسية التي تعيق تطوير التدابير السليمة للتخلص الصحي من النفايات الصلبة، على الرغم من وجود خطط استراتيجية وخطط عمل (Ministry of Environmental Affairs, 2001; Musleh and Giacaman 2001). وقد يؤدي التسرب من المكبات العشوائية إلى تلويث المياه الجوفية التي تعتبر المصدر الأساسي لمياه الشرب. علاوة على ذلك، فإن معظم مواقع مكبات النفايات ليست مسيجة ويمكن الوصول إليها بسهولة بواسطة الحيوانات الضالة وجامعي النفايات والأطفال وهذه كارثة حيث يتم التخلص من النفايات الطبية في نفس المكبات دون فصلها ومعالجتها بشكل صحيح، مما يعرض الأشخاص والحيوانات التي تصل إلى تلك المكبات لخطر الإصابة بأمراض مختلفة. وفي حين تم إنشاء بعض مدافن النفايات الجديدة، على سبيل المثال مكب المنيا لخدمة جنوب الضفة الغربية، إلا أنها غير كافية لتلبية الاحتياجات المجتمعية ولا تتم معالجة التسرب من مواقع مكبات النفايات الصلبة بشكل كاف (ARIJ, 2016; MoLG, 2016).

لقد تم تطبيق مبادرات محدودة لإعادة التدوير في الضفة الغربية في الماضي وكانت هذه المبادرات في معظمها مملوكة للقطاع الخاص وركزت بشكل أساسي على إعادة تدوير المعادن والورق والزجاج. وتم استخدام المعادن والزجاج محلياً، في حين تم بيع سلع أخرى مثل خردة السيارات إلى الشركات الإسرائيلية لاستخدامها في إسرائيل (EQA, 2006). ولسوء الحظ يتم توظيف الأطفال الفقراء لجمع النفايات مقابل أجر زهيد. تم تنفيذ بعض المشاريع في الضفة الغربية على سبيل المثال نفذت منظمة إنقاذ الطفولة مشروعًا بين عامي 1999 و2001، يهدف إلى تحسين الصرف الصحي والصحة البيئية في المجتمعات الحضرية والريفية المحتاجة لدعم مجلس الخدمات المشترك الذي تم إنشاؤه حديثًا في كل من قرية عنبتا (محافظة طولكرم) وقرية دورا (محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية) (Abu-Eisheh et al., 2002).

هناك أزمة حقيقية في الخدمات اللوجستية والتمويل للتخلص السليم من النفايات الصلبة في فلسطين(Abu Thaher, 2005). إن غالبية النفايات الصلبة التي يتم التخلص منها في المناطق الفلسطينية مثل نابلس هي نفايات عضوية، مما يشير إلى وجود إمكانات كبيرة لاستخدام الموارد مثل إنتاج السماد، ولكن كما هي الحال في العديد من البلدان النامية فإن إدارة وفصل هذه النفايات متخلفة بشكل كبير. يعتبر الوضع بالنسبة لإدارة الصرف الصحي في فلسطين ضروري جدا ففي غزة، يتدفق جزء كبير من مياه الصرف الصحي دون معالجة إلى البحر الأبيض المتوسط (Ashour et al., 2009) ولكن هناك تحسينات تحدث (ARIJ 2016) ولكن تتأثر إدارة النفايات بشكل رئيسي بالاحتلال الإسرائيلي لغزة (Caniato et al., 2016).

تمت صياغة خطة عمل وطنية محدثة (NAP) لمنع تلوث البحر الأبيض المتوسط من المصادر البرية في فلسطين وتم تنفيذ عملية صياغة الخطة على أربع مراحل: الأساس القانوني لخطة العمل الوطنية، وتقييم خط الأساس في منتصف المدة (مياه الصرف الصحي، المنطقة البحرية، والنفايات الصلبة)، وتحديد الثغرات في إنفاذ القوانين والسياسات واللوائح، بالإضافة إلى الأهداف التشغيلية لخطة العمل الوطنية.

يمكن تطوير انتاج السماد العضوي والسماد الدودي (الأسمدة الدودية) والفحم الحيوي كمنتجات ثانوية (Alkobaisy et al., 2021; Garg et al., 2006; Lehmann, 2007; Wang et al., 2018) وبالتالي هناك العديد من الطرق الأخرى لإدارة الزراعة والأنشطة الزراعية بطرق صديقة للبيئة (Ravindran et al., 2020). تعمل الحملات والأنشطة على إحياء روح العمل التطوعي وتعزيز الحلول التي يدعمها المجتمع المحلي للمشاكل الكبيرة. تعالج هذه المبادرات قضية النفايات الصلبة من خلال أساليب ووسائل مختلفة، وكلها ملهمة. ويمكن تصنيفهم إلى الفئات التالية: المجموعات التطوعية التي تقود حملات التوعية والتنظيف في كل من المناطق الريفية والحضرية؛ المبادرات والمؤسسات المعنية بإعادة تدوير الورق/الكرتون والبلاستيك، بالإضافة إلى المهندسين الذين ينتجون مواد البناء من مخلفات البناء وأنقاض المباني المدمرة؛ الأفراد أو الشركات الناشئة التي تنفذ مشاريع ريادة الأعمال وتنشئ تطبيقات ومنصات للهواتف المحمولة لإعادة تدوير المواد وإعادة استخدامها؛ الفنانون الذين يطلقون مشاريع لإعادة تدوير جميع أنواع المواد؛ أفراد ومجموعات تعمل على رفع مستوى الوعي من خلال المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.

 

الاحتلال الاستعماري والصراع

بالإضافة إلى التهديدات الخمسة الرئيسية التي تمت مناقشتها أعلاه، فإن الوضع في دولة فلسطين لديه تهديد محلي رئيسي آخر وهو وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي. في عام 2005، تم نشر آخر الأهداف الإنمائية للألفية من قبل اللجنة الوطنية الفلسطينية التوجيهية للأهداف الإنمائية للألفية، بقيادة وزارة التخطيط في السلطة الفلسطينية. وبصراحة ملحوظة، تقول إن أهداف عام 2015 فيما يتعلق بالاستدامة والقضايا البيئية لن يتم تحقيقها بسبب: "الافتقار إلى السيطرة على الموارد الطبيعية، وخاصة المياه والأراضي بسبب الاحتلال والمرحلة المبكرة من حماية البيئة".

تاريخيًا، تعاني فلسطين من عدد من التحديات المتعلقة بالاستعمار، قبل عام 1948 وبعده (Tal 2002; Boast 2012). لقد كانت الإجراءات الإسرائيلية تجاه مصادر المياه كارثية على التنوع البيولوجي الطبيعي منذ عام 1948، بدءاً من تجفيف مستنقعات الحولة التي قضت على الحياة البرية هناك، وليس انتهاءً بمشروع قناة البحر الأحمر – البحر الميت. وهذا الأخير يمثل مشكلة بيئية رئيسية ولا ينبغي تنفيذه. وسيكون تأثيره على فلسطين محسوسًا بشكل حاد في "التجديد" غير الطبيعي للبحر الميت بينما يترك وادي الأردن جافًا بشكل أساسي مع استمرار التدهور البيئي. لقد تم إنجاز بعض العمل في هذا الشأن، ولكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث، و تم توضيح التحديات في التقرير الوطني السادس لاتفاقية التنوع البيولوجي وفي الأعمال المنشورة الأخرى (UNEP 2003; Elmusa 1998; Messerschmid and Selby 2015; Baalousha, 2006; UN, 2012; Rudolph and Kurian 2022).

يواجه التخطيط صعوبات في جميع المراحل، بدءاً من تطبيق الأنظمة البيئية (Qumsiyeh and Albaradeiyeh, 2022) وحتى إدارة النفايات البسيطة. على سبيل المثال، الجهود التي تبذلها دولة فلسطين لإقناع إسرائيل بالموافقة على مرافق مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة التي ترفض إسرائيل الترخيص بها ما لم يوافق الفلسطينيون على استقبال نفايات المستوطنات الاستعمارية من المستوطنات غير القانونية وفقًا للقانون الدولي (Tal 2002). يعد الاحتلال الإسرائيلي أحد أسباب تدمير الموائل مما يؤدي إلى انخفاض التنوع البيولوجي في دولة فلسطين ويبين الطرق العديدة التي يؤثر بها الاحتلال الإسرائيلي على الطبيعة الفلسطينية والموارد الطبيعية (ARIJ 2007, 2015). حدد تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (2003) ما يلي كآثار رئيسية للاحتلال:

1. التدهور المباشر الناجم عن العمليات العسكرية.

2. زيادة الضغط السكاني على النظم الطبيعية بسبب النمو السكاني المرتفع وأزمة اللاجئين الطويلة الأمد

3. النمو السريع للمستوطنات الإسرائيلية ودعم الطرق في المناطق التي تندر فيها الأراضي بالفعل

4. القيود المفروضة على الاتصالات والحركة والوصول، مما يحد من تنفيذ تدابير الإدارة البيئية

5. بناء سياج وجدار فاصل يمنع بشكل فعال حركة الحيوانات البرية، ويقطع الممرات البيئية الطبيعية

6. التهديدات الناجمة عن تلوث النفايات الصلبة والمياه العادمة.

7. تجريف إسرائيل للأراضي من الغطاء النباتي لأسباب أمنية ولأسباب أخرى.

لقد أكد إنشاء إسرائيل واحتلالها لمناطق 1967 على بناء المستوطنات والأمن العسكري والأمن الإقليمي والأمن الديموغرافي، لكنه لم يذكر الأمن البيئي (Tal 2002; Newman 2009). وتنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة (التي وقعت عليها إسرائيل) بوضوح على أنه "لا يجوز لسلطة الاحتلال ترحيل أو نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها". بين عامي 1993 و2000، تضاعف عدد المستوطنين في المناطق المحتلة إلى أكثر من 450 ألف نسمة، ويبلغ اليوم 900 ألف نسمة. وكان الهدف من المستعمرات الإسرائيلية في المناطق المحتلة هو الأمن والسيطرة. وهكذا، فإن معظم مصادرة الأراضي والنشاط الاستيطاني الاستعماري تركزت عمدا على الأراضي المرتفعة على التلال والجبال (Benvenisti, 2002; Weizman, 2012). وبالتالي، لم يكن هناك تفكير مدروس حول الاستدامة البيئية أو أفكار واضحة لضمان انسجام السكان مع الموارد الطبيعية والبيئة (ARIJ, 2015). ونجد أن هناك مستوطنات في كل منطقة فلسطينية، ولا يتم توفير المرافق مثل محطات معالجة مياه الصرف الصحي للسكان الفلسطينيين المحليين حيث يتم تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وفي معظم الحالات يذهب هذا التصريف مباشرة إلى المناطق التي يسكنها أو يزرعها الفلسطينيون (ARIJ, 2002; Newman, 2009).

بسبب هذا الترتيب الغريب، فإن جريان المياه العادمة، والتلوث الناجم عن المستعمرات الصناعية في "المناطق الصناعية" المعلنة، وتآكل التربة، أثر بشكل مباشر على المجتمعات الفلسطينية الواقعة في المناطق المنخفضة المتاخمة لهذه المستعمرات. وقد وثّقت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة هذه الآثار السلبية في عام 2000، وتفاقم الوضع منذ ذلك الحين. وتقدر مصادر فلسطينية أن ما لا يقل عن 200 مصنع إسرائيلي يعمل في الضفة الغربية. يمكن التعرف على بعض المنتجات، ولكن لا تتوفر معلومات مفصلة عن الكميات المنتجة والعمالة والنفايات الناتجة ويتضح الأثر البيئي من خلال التقارير عن مستوطنة برقان الصناعية (Hammad and Qumsiyeh, 2013). هناك أدلة متراكمة على أن استخدام إسرائيل لمواد مثل الفوسفور الأبيض في دولة فلسطين يضر بصحة الإنسان والبيئة (Naim et al. 2012). لقد انتقلت العديد من الشركات الأكثر تلويثاً ببساطة، وحصلت في الواقع على حوافز ضريبية، إلى الضفة الغربية وغزة، حيث كانت لوائح الحكومة الإسرائيلية أكثر تراخياً. وهناك، لم تواجه الشركات سوى معارضة الفلسطينيين الأصليين الذين لم يكن لديهم طريقة واقعية لإيقافها. على سبيل المثال، تم نقل شركة جيشوري للصناعات، وهي شركة تصنيع المبيدات والأسمدة التي واجهت انتكاسات كبيرة في المحكمة في مصنعها الأصلي في كفار سابا، إلى منطقة مجاورة لطولكرم داخل الضفة الغربية في عام 1987 ادى الى تلوث كبير من هذه الشركة وغيرها من الشركات في هذه المنطقة وأدى إلى إتلاف الحمضيات وكروم العنب (ARIJ, 2015).

وقد أدى بناء إسرائيل المستمر لما يقرب من 760 كيلومترًا من حاجز الفصل العنصري (الجدران والأسيجة) منذ عام 2003 إلى اقتلاع 1.5 مليون شجرة. وتشمل البنية التحتية الأخرى أكثر من 1500 كيلومتر من الطرق الاستيطانية، معظمها منفصلة عن أنظمة الطرق الفلسطينية القائمة (والمتهالكة في كثير من الأحيان). كما قامت إسرائيل ببناء شبكة واسعة من الطرق المسماة "الطرق الالتفافية" في المناطق المحتلة. امتدت هذه الطرق لمسافة 340 كيلومترا في عام 2000 والآن زادت بشكل ملحوظ وهي تتجاوز البلدات الفلسطينية الأصلية وتستخدم لخدمة المستوطنات اليهودية. ويتم مصادرة مساحات واسعة من الأراضي لبناء هذه الطرق، والتي تشمل 75 متراً على جانبي الطرق كحواجز أمان. يتم تجريف الأشجار والتلال وأي مبانٍ قائمة ضمن مسافة 75 مترًا على كلا الجانبين، ويتم إعلان المناطق مناطق عسكرية مغلقة أمام الفلسطينيين.

هناك العديد من القضايا الأخرى التي يمكن أن يؤثر فيها الاحتلال على التنمية المستدامة وحماية البيئة (انظرMOPAD 2014  للحصول على ملخص). هناك سرقة كبيرة للموارد الطبيعية بما يتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة. وتكلفة الاحتلال، حتى من دون احتساب الموارد الطبيعية، تصل إلى المليارات سنوياً. ويتفاقم التفاوت بين المستوطنين والسكان الأصليين في السيطرة على الأراضي والاقتصاد والوصول إليها أيضًا بسبب التفاوت في استخدام الموارد الطبيعية الأخرى وخاصة المياه. إن قضية المياه هي الأكثر أهمية وستكون أكثر تقدمًا (Gasteyer et al., 2012; Al-Haq 2013). ولا ينبغي للتعاون مع المحتلين/المستعمرين على المدى الطويل في إدارة النفايات أن يؤدي إلى تطبيع وتعزيز الوضع الراهن للاحتلال من خلال معالجة نفايات المستوطنين في "منشآت مشتركة" (انظر على سبيل المثال Barak, 2012).

تشكل مصادرة الأراضي لصالح المستوطنات تهديدا كبيرا للمحميات الطبيعية الفلسطينية. ومن أهم الأمثلة مصادرة منطقة رأس عمواس وستة مناطق مجاورة، إحداها تسمى ناحال شيلو، وتقع شمال غرب مدينة رام الله. إن حالات تدمير وتشويه المحميات الطبيعية في الضفة الغربية المحتلة لتنفيذ مختلف المشاريع الاستعمارية الإسرائيلية جزء لا يتجزأ من الممارسة الإسرائيلية. واستغلت إسرائيل مصطلح “المحمية الطبيعية”، على سبيل المثال في محافظة بيت لحم عندما أقيمت مستوطنة “هار هوما” عام 1997 على جبل أبو غنيم، الذي كان يعتبر من أكبر غابات بيت لحم.

كما منحت إسرائيل الحرية للشركات الإسرائيلية للاستفادة من الموارد الطبيعية الفلسطينية بما في ذلك الأرض (Longobardo, 2016). على سبيل المثال، يتم بناء محاجر الحجارة الإسرائيلية في جبال الضفة الغربية المحتلة، مما يضر بالبيئة ويحرم السكان المحليين من مورد رئيسي (Abdallah and de Leeuw, 2020). هناك أيضًا نهب لموارد البحر الميت فعلى سبيل المثال، في غضون عقدين من إطلاقها في عام 1988، وصلت المبيعات العالمية السنوية لشركة Ahava، وهي شركة مستحضرات تجميل إسرائيلية تستخدم معادن البحر الميت، إلى ما يقرب من 150 مليون دولار (95 مليون جنيه إسترليني). وكانت الشركة هدفا لحملات المقاطعة. وفي الوقت نفسه، يُمنع الفلسطينيون من استخدام منطقة البحر الميت للسياحة (Abu-Baker and Farah, 2020; Al-Haq, 2012; Popperl, 2018).

تقدر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (2010) أن هناك ما متوسطه 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج ومتوسط 122 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاستخراج في حوض بلاد الشام (يتداخل مع لبنان والأردن ودولة فلسطين وإسرائيل). ولا يملك الفلسطينيون أي سيطرة على مواردهم من النفط والغاز المحمية قانونًا والتي يتم استكشافها واستخدامها الآن لصالح إسرائيل. وفي الواقع، فرضت إسرائيل قيودًا على الصيد على السكان المحليين جزئيًا لإبعادهم عن هذه الموارد (Ismail et al., 2013). هناك تحديات كبيرة تتعلق بالحفظ فيما يتعلق باستكشاف الموارد الهيدروكربونية واستخدامها (Mazor et al., 2018).

ويهدد الاحتلال أيضًا التراث الثقافي والموارد الثقافية (Rjoob, 2009). ويمكن اعتبارها مورداً ولكنها مهمة أيضاً لهوية وطنية وثقافية متطورة يمكنها تمكين الناس من العمل، بما في ذلك حماية أراضيهم والموارد الطبيعية الأخرى.

لتلخيص ذلك، هناك سرقة كبيرة للموارد الطبيعية من الأراضي الفلسطينية المحتلة (الأرض والمياه والأحجار والنفط والغاز وما إلى ذلك)، وتقييد كبير من قبل دولة الاحتلال على استخدام أي موارد طبيعية متبقية. ومع ذلك، يمكن أيضًا استخدام العمل على البيئة كشكل من أشكال المقاومة (Al-Butmeh et al., 2019; Qumsiyeh., 2021; Qumsiyeh and Abusarhan 2020; Qumsiyeh and AlBardeya, 2022).

 

انظر المراجع في المنشورات